منتديات الخليل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رؤية من الداخل

اذهب الى الأسفل

رؤية من الداخل Empty رؤية من الداخل

مُساهمة  Admin الأحد أكتوبر 12, 2008 9:43 am

المحن ليست مقصودة لذاتها؛ فما أغنى الله سبحانه عن تعذيب خلقه، و لكن كم هي الفوائد و التربية التي حصلتها الأمة أفراداً و جماعات إلى يومنا هذا، تلك التي تجعل للابتلاء قيمة و مغزى يدركه المؤمن جيداً حال تعرضه له!!
و هذا لا يعني قطعاً أن يتمنى المرء الابتلاء أو يسعى إليه حتى يثبت لنفسه مدى قوته و صدق قناعته في جانبٍ ما. و قد نهانا الرسول -صلى الله عليه و سلم- عن تمني لقاء العدو؛ فهو فتنة كبيرة لا يدري المرء حينها هل سيقوى على مواجهة هذه الفتنة و الثبات عندها أم لا، و لذا ورد الدعاء بسؤال المولى –سبحانه- العفو و العافية في الدنيا و الآخرة.
و الصحابة -رضي الله عنهم و أرضاهم- حين نتوقف عند أعمالهم و نتأملها، و نستلهم منها العبر و المواعظ لا ننسى أنهم في النهاية بشر غير معصومين، و هذا لا يمس بحال كونهم أفضل القرون، و أننا لن نبلغ أعمالهم و لا صدقهم، و لكن حين يأتي النقد بأيدينا لا بأيدي آخرين، لعمل أحدهم، فهو للعمل لذاته و ليس لشخص الصحابي الذي له عندنا أجل التقدير و الاحترام. و النقد للعمل إنما يأتي بناء على قواعد أرساها لنا الرسول -صلى الله عليه و سلم- و ليس لهوى أو وجهة نظر بدت لنا، و في ذلك قطع للطريق لمحاولات غير محمودة و لا متجردة و لا موضوعية حين تتصيد مثل هذه الوقائع، متسللة عبر بوابة النقد، و لا نجني من ورائها سوى انتقاص للإسلام و تشويه لصورته و حقيقته.
لذا فلعل موقف عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- حين عد عيشه آمناً مطمئناً في جوار الوليد بن المغيرة، في حين يلقى أصحابه و أهل دينه من البلاء و الأذى ما يلقون، أن هذا نقص كبير في نفسه؛ فرد جوار الوليد بن المغيرة علناً، و دخل في جدال مع شاعر من شعراء قريش و هو لبيد بن ربيعة حتى اشتد النقاش بينهما، فقام رجل من كفار قريش فلطم عين عثمان فاخضرّت، و كان الوليد بن المغيرة قريباً يرى ما بلغ من عثمان، فقال الوليد له: "أما والله يا ابن أخي إن عينك لغنية عما أصابها، و لقد كنت في ذمة منيعة"!! فقال عثمان: "و الله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، و إني لفي جوار من هو أعز منك و أقدر يا أبا عبد شمس، وعرض عليه الوليد الجوار مرة أخرى فرفض رضي الله عنه".
قد يكون هذا الموقف لشدة و قوة و جدها في نفسه و رغبة مخلصة صادقة لمشاركة أصحابه إحساسهم بالألم، لكن لا يمكن تعميم هذا النموذج و الخروج به من كونه حالة خاصة ليصبح مثلاً يُحتذى؛ فالمسلم لا يسعى للابتلاء و لا يتمناه، و لكن إن كُتِبَ عليه فعليه أن يصبر و يحتسب.
و أي صحابي لن يكون اتقى لله و لا أشد ورعاً من الرسول صلى الله عليه و سلم، و الذي عند عودته من الطائف طلب الجوار من الأخنس بن شريق، إلاّ أنه كان في حِلف مع قريش، و حفظ العهود من شيم الرجال، فيطلبه من سهيل بن عمرو، و لكنه أخبر أن بني عامر لا تجير على بني عدي، فكان جوار مطعم بن عدي و ولده الذين تهيؤوا بالسلاح لحماية الحبيب صلى الله عليه و سلم و هو يصلي عند الركن.
و كذلك صدّيق هذه الأمة و الذي يعدل إيمانه نصف إيمان هذه الأمة، أبو بكر -رضي الله عنه و أرضاه- لم يردّ جوار ابن الدغنة ذلك الرجل الجاهلي الذي أجار أبا بكر عندما أخرجه قومه و أراد الهجرة إلى الحبشة، فلم يرض أن يخرج أبو بكر من مكة، و عدّ هذا عاراً على العرب.
و حين يأتي النقد لفعل عثمان -رضي الله عنه- لا لشخصه الكريم لا يكون هذا رداً لما ما ورد في البخاري حول الرؤية التي رأتها إحدى النساء لعثمان أن له عيناً تجري، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- فأخبرته، فقال: ذلك عمله، وعمله يشمل الكثير؛ من دخوله في الإسلام و صبره على أذى قومه بني جمح له، و كان أشدهم عليه أمية بن خلف، و استجابته للرسول -صلى الله عليه و سلم- بالهجرة إلى الحبشة، رضي الله عنه.
تاريخ أمتنا بحاجة إلى نقد هادف بنّاء، و تمحيص بأيدي علماء مخلصين صادقين، لا بأيدي مستشرقين و لا مستغربين
Admin
Admin
المدير
المدير

المساهمات : 24
تاريخ التسجيل : 09/10/2008

https://klele.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى